responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 557
إِلَى اللَّهِ: الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ، وَالرَّدُّ إِلَى رَسُولِهِ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا قُبِضَ فَإِلَى سُنَّتِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا يَقُولُ:
ذَلِكَ أَحْسَنُ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عَاقِبَةً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا قَالَ: وَأَحْسَنُ جَزَاءً. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ، ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَعْرُوفِ، وَأَنَّهُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 65]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (62) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (64)
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)
قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ فِيهِ تَعْجِيبٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ حَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- وَهُوَ الْقُرْآنُ- وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مَنْ قبله من الأنبياء، فجاؤوا بِمَا يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَيُبْطِلُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَيُوَضِّحُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، وَهُوَ إِرَادَتُهُمُ التَّحَاكُمُ إِلَى الطَّاغُوتِ، وَقَدْ أُمِرُوا فِيمَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى مَنْ قَبْلَهُ، أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَبِهِ يَتَّضِحُ مَعْنَاهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّاغُوتِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: يُرِيدُونَ وَالْجُمْلَتَانِ مَسُوقَتَانِ لِبَيَانِ مَحَلِّ التَّعَجُّبِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَاذَا يَفْعَلُونَ؟ فَقِيلَ: يُرِيدُونَ كَذَا، وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ كذا. وقوله: ضَلالًا مصدر لفعل الْمَذْكُورِ بِحَذْفِ الزَّوَائِدِ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [1] أَوْ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يضلهم فيضلون ضلالا. وَالصُّدُودُ: اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَهُوَ الصَّدُّ عِنْدَ الْخَلِيلِ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ: أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ، أَيْ: يُعْرِضُونَ عَنْكَ إِعْرَاضًا. قَوْلُهُ: فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بَيَانٌ لِعَاقِبَةِ أَمْرِهِمْ وَمَا صَارَ إِلَيْهِ حَالُهُمْ، أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ؟
أَيْ: وَقْتَ إِصَابَتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْجِزُونَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الدَّفْعِ. وَالْمُرَادُ: بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ مَا فَعَلُوهُ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا: التَّحَاكُمُ إِلَى الطَّاغُوتِ، ثُمَّ جاؤُكَ يَعْتَذِرُونَ عَنْ فِعْلِهِمْ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَصابَتْهُمْ وَقَوْلُهُ: يَحْلِفُونَ حَالٌ: أَيْ: جَاءُوكَ حَالَ كَوْنِهِمْ حالفين إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً

[1] نوح: 17.
اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 557
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست